الطريق
للسعادة , سر السعادة , كيف تحقق السعادة . مفتاح السعادة ..... الكل يطلب
السعادة وتحاشي الألم . فالهدف الأساسي المعلن ( أو غير المعلن ) للجميع
هو لذة أكثر وأقوى , وألم أقل أو معدوم .
لقد اعتبر الألم غير مرغوب فيه , واعتبر في أغلب الأحيان العدو الأول الذي
يجب القضاء عليه , فالشقاء والتعاسة والمعاناة يجب إزالتهم والقضاء عليهم ,
لذلك اعتبر الألم في كثير من الأحيان مرادفاً للشر .
إن إحساسي اللذة والألم هما غالباً مرتبطين ببعضهما , وهامان وضروريان
لتوجيه وحماية الفرد وتطوره نحو الأفضل . ولكن نجد أن أغلب الأهداف
الاجتماعية والعقائد والديان , تسعى إلى تقليل الألم والمعاناة . فهدفهم
الأول والأساسي القضاء على الألم وزيادة اللذة والسعادة للأفراد .
فالهدف الأساسي لجميع الناس والدول والمجتمعات هو تحقيق أكبر قدر من
السعادة والرفاهية واللذة وأقل قدر من الألم والشقاء والمعاناة.
ولكنّ الألم ليس شراً , والألم ليس عدونا . ونحن نجد أن اللذة والألم وباقي
الأحاسيس والانفعالات وما تنتجه من تأثيرات حسية وعاطفية بأنواع وأشكال
كثيرة قد نشأت وتطورت لأنها حققت فاعلية في توجيه الكائن الحي ليحقق بقائه
بتكيف مع الواقع الموجود فيه , إن كان مادي أو اجتماعي . فاللذة والألم ,
والانفعالات والعواطف كالغضب والخوف والحب والكراهية والشجاعة والغيرة
والتنافس على المكانة وعلى التفوق. . . , لهم الدور الهام والفعال في توجيه
وتكيف الفرد مع البيئة ومع الأوضاع الاجتماعية
.
إن دور اللذة والألم هام جداً وفعال جداً للحفاظ على الكائن الحي وعلى نموه
, فاللذة والألم هما حاميان ومنظمان لجسم الكائن الحي . و لهما أيضاً
وظيفتهما و دورهما الهامين والأساسيين في تطور ونمو المجتمعات والبنيات
الاجتماعية .
وإذا نظرنا إلى باقي الكائنات الحية فإننا نجد أن الحشرات ضعيفة أو شبه
معدومة الإحساس باللذة والألم , فالمحافظة على الحشرة أو على مجتمعها , تتم
بانعكاسات وآليات مبرمجة فزيولوجياً و وراثياً , والأفضلية تكون لحماية
واستمرار مجتمعها ( في حال كونها تعيش حياة اجتماعية ) , فهي تضحي بنفسها
بكل بساطة وسهولة في سبيل حماية خليتها أو مجتمعها , وهذا ما جعل الحشرات
ومجتمعاتها تختلف كثيراً عن مجتمعات الثدييات. فاللذة والألم يزداد ويتوسع
مجالهما و دورهما كلما صعدنا في سلسلة الكائنات الحية , وهما لدى الإنسان
أكثر أهمية وقوة واتساعاً .
إن الآلام الجسدية أو النفسية لدى الإنسان أكبر من اللذات , هذا ما نلاحظه
ونعيشه , فآلام الأسنان والحروق والولادة...., والآلام النفسية مثل فقد
عزيز أو الفشل الكبير... , هي أكبر من لذة الطعام والشراب والجنس .
نعم هناك لذات كبيرة ولكنها غير مركزة واضحة , مثل الآلام الجسدية أو
النفسية , فلذة الحب والحنان والشوق والصداقة..... , يمكن أن تبلغ درجات
عالية " كاستجابات " ترافقها أحاسيس قوية , فيمكن لشخص أن يتحمل عشر ساعات
من آلام الأسنان القوي في سبيل لقاء حبيبته أو ابنه أو أمه , ويمكن لأم أن
تتحمل آلاماً كثيرة أو تضحي بحياتها في سبيل أولادها . وهذا يدل على أن
هناك استجابات تعادل أو تفوق قوتها وتأثيرها أقوى الآلام . فوضع الأسير
الذي يتحمل مئات الساعات من الآلام دون أن يبوح بأسرار بلاده , ليس مقابل
لذة بل نتيجة استجابات تابعة لما تعلم وبرمج عليه فكرياً وعقائدياً , فهو
يتصرف بناء على أن آلامه سوف تمنع آلاماً أكثر بكثير عن شعبه أو أهله .
ويقول العلماء إن مراكز الثواب والعقاب تمثل بلا شك أحد أهم الضوابط في
نشاط الإنسان , وقد وجد أن الخبرة الحسية التي لا تؤدي إلى أي من الثواب أو
العقاب نادراً ما يتم تذكرها على الإطلاق . إن تكرار منبه خلال فترة من
الزمن يؤدي إلى انطفاء شبه كامل لاستجابة اللحاء إذا كان هذا المنبه لا
يستثير مراكز الثواب أو العقاب , فالحيوان يصبح معتاداً على المنبه الحسي ,
ولكن إذا كان المنبه يؤدي إلى ثواب أو عقاب فإن استجابة اللحاء تصبح
تدريجياً أكثر حدة بتكرار المنبه بدلاً من خمود الاستجابة , ويقال في هذه
الحالة أن الاستجابة قد تدعمت أو تعززت . وعلى هذا فإن الحيوان يقيم آثار
قوية لذكريات الخبرة التي تؤدي إلى الإثابة أو العقاب , فالثواب والعقاب (
والانفعالات ) لهم علاقة كبيرة بالتعلم .
وفرس البحر( قرن آمون ) يلعب دوراً في تقرير درجة انتباه الشخص , وله علاقة
بالتعلم , ويعتقد أنه يلعب دوراً في ربط الخصائص الانفعالية للخبرات
الحسية , ثم يقوم بدوره بنقل المعلومات إلى مراكز الثواب والعقاب وغيرها من
المراكز , ويقوم بربط الإشارات الحسية المختلفة الواردة بشكل يؤدي إلى
استجابة مناسبة من المهاد , وللمهاد دور هام في تشكيل الثواب والعقاب , ومن
مهام المهاد الأساسية ضبط وظائف الجسم الهامة للحياة إن كانت شعورية أو لا
شعورية , ضبط الضغط الشرياني , توازن سوائل الجسم, محتوى السوائل من
الأملاح , التغذية , النشاط المعدي والمعوي , الافرازات للغدد الصم . وله
علاقة وثيقة مع الجانب الانفعالي من الإحساسات , مثل اللذة والألم وبالتالي
الثواب والعقاب . والتنبيه الكهربائي لمناطق معينة يجلب السرور والرخاء
للحيوان , وتنبيه مناطق أخرى يسبب ألماً شديداً أو خوفاً أو دفاعاً أو
هرباً , هناك مناطق ثواب وعقاب في المخ وفي المهاد المراكز الأساسية ,
والمراكز الأخرى في اللوزة , والحاجز , والعقد القاعدية , وفي لحاء القاعدي
للمخ المتوسط .
إن آلية عمل الجهاز العصبي في أساسها ليست مبنية على اللذة والألم , فهي
مبنية على آليات فزيولوجية وعصبية و كهربائية , واللذة والألم نشا وتطورا
بعد ذلك . نحن نسحب يدنا أولاً عند وخزنا بدبوس ثم نشعر بالألم ,
فالاستجابات الحسية نشأت لاحقاً بعد نشوء الاستجابات الفزيولوجية
والحركية.
وكذلك الذاكرة نشأت قبل نشوء الوعي ثم تطورت وأصبحت واعية ,أو جزء منها واع
. ثم نشأ الشعور والإحساس الجماعي والذاكرة الجماعية ثم الوعي الجماعي .
إن دور الألم واللذة إذاً هام وضروري جداً , فهما جهاز الإنذار والحماية
والتوجيه , إلى المفيد للكائن الحي , إن كان تحاشي الضار أو السعي لتحقيق
المفيد , من ما يتعرض له الإنسان كفرد وكنوع , فالألم لا زال ضرورياً .
ولا ننسى أن الأمراض الخبيثة تتمكن من جسم الإنسان بسبب عدم شعوره بالألم
في فترة بدايتها وحضانتها .
صحيح أن الإنسان الآن قام بإيجاد طرق وآليات وأجهزة حماية وإنذار متنوعة
ومتطورة , تسمح بالاستغناء عن الألم كجهاز إنذار وتعوض عنه في بعض الأوضاع ,
ولكنه لم يصل إلى درجة الاستغناء عن الألم الجسمي كجهاز إنذار وحماية
لجسمه , وعندما يصل إلى ذلك عندها يمكن الاستغناء عن الألم كجهاز حماية.
إن اللذة والألم ضروريان لإقامة الأخلاق والقوانين الاجتماعية , فدور اللذة
والألم في الحياة الاجتماعية أساسي وهام جداً , ولولا اللذة والألم لما
أمكن إقامة الثواب والعقاب الاجتماعي , وبالتالي كان من الصعب إقامة
الأخلاق والقوانين الاجتماعية .
فالأخلاق والقوانين الاجتماعية تعتمد في تطبيقها بشكل أساسي على ثواب وعقاب
, إن كان للأفراد أو للجماعات , ويصعب تطبيقها بغياب الثواب والعقاب ,
فالتحكم في توجيه التصرفات يكون صعب جداً بغياب الثواب والعقاب , وكذلك
يصعب إجراء العقاب أو الثواب دون وجود اللذة والألم .
كيف نتعامل مع الآلام بشكل عام
إن مشكلة التعامل مع الآلام من أهم المشاكل بالنسبة لكل منا , فالألم
واللذٌة هما المتحكمان والموجهان لأغلب استجاباتنا وأفعالنا , والألم
واللذة الجسمية في بداية حياتنا شامل لكافة تعاملاتنا مع الوجود , ثم ينشأ
بعد ذلك ونتيجة التعلم والتربية , الألم النفسي أو الفكري الذي يحدث دون
مؤثر مباشر على المستقبلات الحسية.
فالتعامل مع الألم واللذة الجسمي يكون بالاستجابة والفعل المناسب في أول
الأمر بتحاشي الألم والسعي للذة , و التعلم يحقق التحكم بهما في حدود معينة
. أما التحكم بالآلام الجسمية بشكل فعال فهو يتم عن طريق المخدر والعقاقير
.
أما الآلام وكذلك اللذّات النفسية فهي تبدأ في التشكل نتيجة الحياة
والتربية , فتربط الكثير من الاستجابات المحايدة , باللذة أو الألم ,
فالتوبيخ والشتيمة والاستهزاء والتحقير , وكذلك الخسارة والهزيمة . . . ,
تنتج الكثير من الآلام النفسية للذي تعلٌم معانيها . وكذلك المديح
والافتخار , والربح والفوز.... تنتج اللذة والسعادة .
إن المنشئ والمتحكم بالآلام واللذات النفسية هو النتوء اللوزي ويساعده
المهاد . فهو عندما يقرر نتيجة تقييم مثير ما , أنه ضار , يطلب أيضاً
توليد إحساس ألم نفسي مرافق , فهو بذلك يحول الضار إلى مؤلم , مثلما يحول
المفيد إلى ممتع , فهو كما يقولون منشئ أحاسيس العواطف والانفعالات .
كيف نتعامل مع الآلام النفسية
يمكن بالتعلم والتربية بناء الإشراطات والارتباطات المناسبة لتخفيف أو
إلغاء تشكل الآلام النفسية , أما التعامل مع هذه الآلام بعد تكونها , فيكون
بتعلم جديد , وذلك بتعديلها بإشراط جديد , وهذا يكون غالباً صعباً , و
صعوبته تتناسب مع قوة الإشراط ( التعلم) الذي تم , وكلما طال عمر الإنسان
صعب عليه تنفيذ ذلك , لأن بناء إشراطات جديدة يصبح صعباً.
ويمكن اعتبار غالبية العقد الفروية هي بمثابة آلام نفسية .
والطريقة المتاحة والسهلة للتعامل مع هذه الآلام هي استعمال باقي خصائص
وقدرات الجهاز العصبي , والتي يمكن أن تؤثر على هذه الآلام النفسية , مثل
التشتيت , والتداخل , والتعديل العام لها , بوضعها في صيغة شاملة لها تعدل
تأثيراتها النهائية , فعندما ترافقها أحاسيس أخرى ضعيفة أو قوية يحدث لهل
تشتت وضعف وهذا ما يفعله أغلبنا .
أو تناسيها بإبعادها عن ساحة الشعور ما أمكن ذلك , ويمكن تعديل هذه الآلام
بالتفكير والمعالجات الفكرية المتطورة , ولو أن تأثيرها يكون بطيء وضعيف
غالباً .
للسعادة , سر السعادة , كيف تحقق السعادة . مفتاح السعادة ..... الكل يطلب
السعادة وتحاشي الألم . فالهدف الأساسي المعلن ( أو غير المعلن ) للجميع
هو لذة أكثر وأقوى , وألم أقل أو معدوم .
لقد اعتبر الألم غير مرغوب فيه , واعتبر في أغلب الأحيان العدو الأول الذي
يجب القضاء عليه , فالشقاء والتعاسة والمعاناة يجب إزالتهم والقضاء عليهم ,
لذلك اعتبر الألم في كثير من الأحيان مرادفاً للشر .
إن إحساسي اللذة والألم هما غالباً مرتبطين ببعضهما , وهامان وضروريان
لتوجيه وحماية الفرد وتطوره نحو الأفضل . ولكن نجد أن أغلب الأهداف
الاجتماعية والعقائد والديان , تسعى إلى تقليل الألم والمعاناة . فهدفهم
الأول والأساسي القضاء على الألم وزيادة اللذة والسعادة للأفراد .
فالهدف الأساسي لجميع الناس والدول والمجتمعات هو تحقيق أكبر قدر من
السعادة والرفاهية واللذة وأقل قدر من الألم والشقاء والمعاناة.
ولكنّ الألم ليس شراً , والألم ليس عدونا . ونحن نجد أن اللذة والألم وباقي
الأحاسيس والانفعالات وما تنتجه من تأثيرات حسية وعاطفية بأنواع وأشكال
كثيرة قد نشأت وتطورت لأنها حققت فاعلية في توجيه الكائن الحي ليحقق بقائه
بتكيف مع الواقع الموجود فيه , إن كان مادي أو اجتماعي . فاللذة والألم ,
والانفعالات والعواطف كالغضب والخوف والحب والكراهية والشجاعة والغيرة
والتنافس على المكانة وعلى التفوق. . . , لهم الدور الهام والفعال في توجيه
وتكيف الفرد مع البيئة ومع الأوضاع الاجتماعية
.
إن دور اللذة والألم هام جداً وفعال جداً للحفاظ على الكائن الحي وعلى نموه
, فاللذة والألم هما حاميان ومنظمان لجسم الكائن الحي . و لهما أيضاً
وظيفتهما و دورهما الهامين والأساسيين في تطور ونمو المجتمعات والبنيات
الاجتماعية .
وإذا نظرنا إلى باقي الكائنات الحية فإننا نجد أن الحشرات ضعيفة أو شبه
معدومة الإحساس باللذة والألم , فالمحافظة على الحشرة أو على مجتمعها , تتم
بانعكاسات وآليات مبرمجة فزيولوجياً و وراثياً , والأفضلية تكون لحماية
واستمرار مجتمعها ( في حال كونها تعيش حياة اجتماعية ) , فهي تضحي بنفسها
بكل بساطة وسهولة في سبيل حماية خليتها أو مجتمعها , وهذا ما جعل الحشرات
ومجتمعاتها تختلف كثيراً عن مجتمعات الثدييات. فاللذة والألم يزداد ويتوسع
مجالهما و دورهما كلما صعدنا في سلسلة الكائنات الحية , وهما لدى الإنسان
أكثر أهمية وقوة واتساعاً .
إن الآلام الجسدية أو النفسية لدى الإنسان أكبر من اللذات , هذا ما نلاحظه
ونعيشه , فآلام الأسنان والحروق والولادة...., والآلام النفسية مثل فقد
عزيز أو الفشل الكبير... , هي أكبر من لذة الطعام والشراب والجنس .
نعم هناك لذات كبيرة ولكنها غير مركزة واضحة , مثل الآلام الجسدية أو
النفسية , فلذة الحب والحنان والشوق والصداقة..... , يمكن أن تبلغ درجات
عالية " كاستجابات " ترافقها أحاسيس قوية , فيمكن لشخص أن يتحمل عشر ساعات
من آلام الأسنان القوي في سبيل لقاء حبيبته أو ابنه أو أمه , ويمكن لأم أن
تتحمل آلاماً كثيرة أو تضحي بحياتها في سبيل أولادها . وهذا يدل على أن
هناك استجابات تعادل أو تفوق قوتها وتأثيرها أقوى الآلام . فوضع الأسير
الذي يتحمل مئات الساعات من الآلام دون أن يبوح بأسرار بلاده , ليس مقابل
لذة بل نتيجة استجابات تابعة لما تعلم وبرمج عليه فكرياً وعقائدياً , فهو
يتصرف بناء على أن آلامه سوف تمنع آلاماً أكثر بكثير عن شعبه أو أهله .
ويقول العلماء إن مراكز الثواب والعقاب تمثل بلا شك أحد أهم الضوابط في
نشاط الإنسان , وقد وجد أن الخبرة الحسية التي لا تؤدي إلى أي من الثواب أو
العقاب نادراً ما يتم تذكرها على الإطلاق . إن تكرار منبه خلال فترة من
الزمن يؤدي إلى انطفاء شبه كامل لاستجابة اللحاء إذا كان هذا المنبه لا
يستثير مراكز الثواب أو العقاب , فالحيوان يصبح معتاداً على المنبه الحسي ,
ولكن إذا كان المنبه يؤدي إلى ثواب أو عقاب فإن استجابة اللحاء تصبح
تدريجياً أكثر حدة بتكرار المنبه بدلاً من خمود الاستجابة , ويقال في هذه
الحالة أن الاستجابة قد تدعمت أو تعززت . وعلى هذا فإن الحيوان يقيم آثار
قوية لذكريات الخبرة التي تؤدي إلى الإثابة أو العقاب , فالثواب والعقاب (
والانفعالات ) لهم علاقة كبيرة بالتعلم .
وفرس البحر( قرن آمون ) يلعب دوراً في تقرير درجة انتباه الشخص , وله علاقة
بالتعلم , ويعتقد أنه يلعب دوراً في ربط الخصائص الانفعالية للخبرات
الحسية , ثم يقوم بدوره بنقل المعلومات إلى مراكز الثواب والعقاب وغيرها من
المراكز , ويقوم بربط الإشارات الحسية المختلفة الواردة بشكل يؤدي إلى
استجابة مناسبة من المهاد , وللمهاد دور هام في تشكيل الثواب والعقاب , ومن
مهام المهاد الأساسية ضبط وظائف الجسم الهامة للحياة إن كانت شعورية أو لا
شعورية , ضبط الضغط الشرياني , توازن سوائل الجسم, محتوى السوائل من
الأملاح , التغذية , النشاط المعدي والمعوي , الافرازات للغدد الصم . وله
علاقة وثيقة مع الجانب الانفعالي من الإحساسات , مثل اللذة والألم وبالتالي
الثواب والعقاب . والتنبيه الكهربائي لمناطق معينة يجلب السرور والرخاء
للحيوان , وتنبيه مناطق أخرى يسبب ألماً شديداً أو خوفاً أو دفاعاً أو
هرباً , هناك مناطق ثواب وعقاب في المخ وفي المهاد المراكز الأساسية ,
والمراكز الأخرى في اللوزة , والحاجز , والعقد القاعدية , وفي لحاء القاعدي
للمخ المتوسط .
إن آلية عمل الجهاز العصبي في أساسها ليست مبنية على اللذة والألم , فهي
مبنية على آليات فزيولوجية وعصبية و كهربائية , واللذة والألم نشا وتطورا
بعد ذلك . نحن نسحب يدنا أولاً عند وخزنا بدبوس ثم نشعر بالألم ,
فالاستجابات الحسية نشأت لاحقاً بعد نشوء الاستجابات الفزيولوجية
والحركية.
وكذلك الذاكرة نشأت قبل نشوء الوعي ثم تطورت وأصبحت واعية ,أو جزء منها واع
. ثم نشأ الشعور والإحساس الجماعي والذاكرة الجماعية ثم الوعي الجماعي .
إن دور الألم واللذة إذاً هام وضروري جداً , فهما جهاز الإنذار والحماية
والتوجيه , إلى المفيد للكائن الحي , إن كان تحاشي الضار أو السعي لتحقيق
المفيد , من ما يتعرض له الإنسان كفرد وكنوع , فالألم لا زال ضرورياً .
ولا ننسى أن الأمراض الخبيثة تتمكن من جسم الإنسان بسبب عدم شعوره بالألم
في فترة بدايتها وحضانتها .
صحيح أن الإنسان الآن قام بإيجاد طرق وآليات وأجهزة حماية وإنذار متنوعة
ومتطورة , تسمح بالاستغناء عن الألم كجهاز إنذار وتعوض عنه في بعض الأوضاع ,
ولكنه لم يصل إلى درجة الاستغناء عن الألم الجسمي كجهاز إنذار وحماية
لجسمه , وعندما يصل إلى ذلك عندها يمكن الاستغناء عن الألم كجهاز حماية.
إن اللذة والألم ضروريان لإقامة الأخلاق والقوانين الاجتماعية , فدور اللذة
والألم في الحياة الاجتماعية أساسي وهام جداً , ولولا اللذة والألم لما
أمكن إقامة الثواب والعقاب الاجتماعي , وبالتالي كان من الصعب إقامة
الأخلاق والقوانين الاجتماعية .
فالأخلاق والقوانين الاجتماعية تعتمد في تطبيقها بشكل أساسي على ثواب وعقاب
, إن كان للأفراد أو للجماعات , ويصعب تطبيقها بغياب الثواب والعقاب ,
فالتحكم في توجيه التصرفات يكون صعب جداً بغياب الثواب والعقاب , وكذلك
يصعب إجراء العقاب أو الثواب دون وجود اللذة والألم .
كيف نتعامل مع الآلام بشكل عام
إن مشكلة التعامل مع الآلام من أهم المشاكل بالنسبة لكل منا , فالألم
واللذٌة هما المتحكمان والموجهان لأغلب استجاباتنا وأفعالنا , والألم
واللذة الجسمية في بداية حياتنا شامل لكافة تعاملاتنا مع الوجود , ثم ينشأ
بعد ذلك ونتيجة التعلم والتربية , الألم النفسي أو الفكري الذي يحدث دون
مؤثر مباشر على المستقبلات الحسية.
فالتعامل مع الألم واللذة الجسمي يكون بالاستجابة والفعل المناسب في أول
الأمر بتحاشي الألم والسعي للذة , و التعلم يحقق التحكم بهما في حدود معينة
. أما التحكم بالآلام الجسمية بشكل فعال فهو يتم عن طريق المخدر والعقاقير
.
أما الآلام وكذلك اللذّات النفسية فهي تبدأ في التشكل نتيجة الحياة
والتربية , فتربط الكثير من الاستجابات المحايدة , باللذة أو الألم ,
فالتوبيخ والشتيمة والاستهزاء والتحقير , وكذلك الخسارة والهزيمة . . . ,
تنتج الكثير من الآلام النفسية للذي تعلٌم معانيها . وكذلك المديح
والافتخار , والربح والفوز.... تنتج اللذة والسعادة .
إن المنشئ والمتحكم بالآلام واللذات النفسية هو النتوء اللوزي ويساعده
المهاد . فهو عندما يقرر نتيجة تقييم مثير ما , أنه ضار , يطلب أيضاً
توليد إحساس ألم نفسي مرافق , فهو بذلك يحول الضار إلى مؤلم , مثلما يحول
المفيد إلى ممتع , فهو كما يقولون منشئ أحاسيس العواطف والانفعالات .
كيف نتعامل مع الآلام النفسية
يمكن بالتعلم والتربية بناء الإشراطات والارتباطات المناسبة لتخفيف أو
إلغاء تشكل الآلام النفسية , أما التعامل مع هذه الآلام بعد تكونها , فيكون
بتعلم جديد , وذلك بتعديلها بإشراط جديد , وهذا يكون غالباً صعباً , و
صعوبته تتناسب مع قوة الإشراط ( التعلم) الذي تم , وكلما طال عمر الإنسان
صعب عليه تنفيذ ذلك , لأن بناء إشراطات جديدة يصبح صعباً.
ويمكن اعتبار غالبية العقد الفروية هي بمثابة آلام نفسية .
والطريقة المتاحة والسهلة للتعامل مع هذه الآلام هي استعمال باقي خصائص
وقدرات الجهاز العصبي , والتي يمكن أن تؤثر على هذه الآلام النفسية , مثل
التشتيت , والتداخل , والتعديل العام لها , بوضعها في صيغة شاملة لها تعدل
تأثيراتها النهائية , فعندما ترافقها أحاسيس أخرى ضعيفة أو قوية يحدث لهل
تشتت وضعف وهذا ما يفعله أغلبنا .
أو تناسيها بإبعادها عن ساحة الشعور ما أمكن ذلك , ويمكن تعديل هذه الآلام
بالتفكير والمعالجات الفكرية المتطورة , ولو أن تأثيرها يكون بطيء وضعيف
غالباً .